نائب رئيس اتحاد بلديات غربي بعلبك الأستاذ إبراهيم نصّار: الطريق يسهّل حركة المواطنين ويعزّز التواصل بين المناطق
تشكل الطرقات واحدة من أهم علامات التنمية في العصر الحديث، كونها تصل بين المناطق، وتسهّل سبل الحياة، وتفتح آفاقاً جديدة للتواصل بين الناس، وتعزز الانتاج وتزيده.
في منطقة غربي بعلبك، تأخذ الطرقات هذه الأهمية وأكثر، كونها منطقة في طور النمو، وتحتاج إلى الكثير من الخدمات كي تساعدها على النهوض والانطلاق في مسيرة الانتاج.
ومن أهم هذه الطرق في المنطقة طريق كان موجوداً في قديم الزمن، قبل أن يقلّل من أهميته في المرحلة الماضية افتتاح أوتوسترادات وطرقات تربط بين زحلة، عاصمة محافظة البقاع، وبعلبك، عاصمة “محافظة” وقضاء بعلبك.
اليوم، تعود إلى هذا الطريق أهميته من خلال اهتمام اتحاد بلديات غربي بعلبك بتوسيعه وتأهيله، ليشكل واسطة اتصال جديدة بين قرى الاتحاد وليحيي منطقة واسعة من الأراضي التي كان الوصول إليها صعباً.
نائب رئيس اتحاد بلديات غربي بعلبك الأستاذ إبراهيم نصّار يشرح أهمية هذا الطريق ومراحل العمل فيه في لقاء خاص بـ “مجلة اتحاد بلديات غربي بعلبك”:
يقول الأستاذ إبراهيم نصار: بالنسبة لنا كاتحاد، كان مشروع الطريق هذا من المشاريع الاستراتيجية والأساسية، لكن كان هناك تريث في الإقدام على خطوة من هذا النوع، لأنه بالنسبة إلينا كنا نرى أن هذا المشروع كبير ومكلف، على الرغم من أن كل الناس كانوا مقتنعين بأولويته، لا أحد يختلف على أهميته ودوره الحيوي والأساسي، لكنه مشروع ضخم وله سلبية واحدة، أنه لا يجمع كل قرى الاتحاد. كنا نتوقع دفع مبلغ ضخم يتجاوز المليار ليرة، وفي المقابل يغطي أقل من نصف قرى الاتحاد.
ويشرح الأستاذ نصار الوضع قائلاً: في قرى الاتحاد، من الصعب أن نجد مشروعاً واحداً يجمع كل القرى نتيجة الانتشار الجغرافي لقرى الاتحاد. لكنه يضيف: في كل الحالات نحن بعد دراسة وتمحيص أخذنا قراراً وبدأنا بتنفيذ هذا الطريق في العام 2012 . وطبعاً قمنا بالإجراءات القانونية واتكلنا على الله.
وعن أهمية هذا الطريق يقول الأستاذ نصار: هو طريق يبدأ من بلدة تمنين التحتا، يمر في أراضي بلدتي تمنين الفوقا وقصرنبا، ثم بلدة بدنايل، ثم في بلدة حوش الرافقة، وفي طريقه يصل بين “النقطة الرابعة” وبيت شاما، وبالتالي على مستوى المسافات هو يختصر مسافة لا بأس بها. فمثلاً إذا أردنا أن نفترض أن شخصاً ما يريد أن يذهب من تمنين التحتا إلى حوش الرافقة، تقريباً هذا الطريق يوفر عليه نصف المسافة.
بالإضافة إلى موضوع توفير المسافة، هناك أكثر من عامل أو إيجابية يحققها هذا الطريق، ويعطي قيمة أكبر له.
يستعرض الأستاذ نصار هذه الإيجابيات بالقول: أول أمر، أن القيام بهذا المشروع هو مشروع خارج قدرة بلدة واحدة أو بلدتين أو ثلاث. لو فرضنا أن هذا المشروع لم ينفذه الاتحاد، فإنه لا يُنفذ إلا عبر الدولة كوزارة، وبالتالي الوزارة تحتاج إلى جهة راعية، جهة تسعى كي تدعم هذا المشروع. أما أن تفترض أن البلديات ستقوم كل واحدة منها بالتزام المسافة التي تقع في أراضيها، فهو أمر يفوق قدرتها، وثانياً هناك أراض مشتركة ليس من السهل أن يحصل تنسيق فيها. فهذه أول ميزة للاتحاد أن يهتم بهذا المشروع.
كذلك فإن الطريق يسهّل حركة مرور الناس، سواء على مستوى البلدات التي يمر بها أو على مستوى الأشخاص والمواطنين القادمين من خارج قرى الاتحاد.
وهناك موضوع حركة الطلاب والتلاميذ في الشتاء. مثلاً في قصرنبا هناك ثانوية المصطفى، في بلدة بدنايل توجد ثانوية ومهنية، وفي تمنين التحتا توجد ثانوية، وهذه المؤسسات التربوية لها رواد وطلاب من المناطق والقرى كافة. وعلى هذا الطريق أيضاً يوجد تجمع لقرى الأطفال “أس أو أس” وبالتالي يصبح الوصول إليه سهلاً من كل المناطق. وبالإضافة إلى المهنية والثانوية، هناك أكثر من مؤسسة ومرفق موجودة على هذا الطريق أو تستفيد من هذا الطريق، وبالتالي تصبح حركة الناس باتجاه هذه المرافق وهذه المؤسسات سهلة.
وهناك كذلك موضوع تخفيف الضغط عن الطريق العام، وهذا أيضاً أمر أساسي، لدينا طرق عامة حالياً، كل ضغط السيارات والشاحنات يتركز عليها. فبالتأكيد أي ضغط ، وأي حركة سير يمكن “سحبها” عن هذه الطرقات وتحويلها إلى طريق آخر ـ الذي هو هذا الطريق المستحدث ـ يعتبر خطوة إيجابية.
إحياء المنطقة
هناك موضوع تحسين أسعار الأرض، أولاً ينشط المنطقة ويحييها لصالح من كان لديه أرض يرغب بزراعتها وبالتالي يصبح الوصول إليها سهلاً، وعندما يصبح الوصول إلى الأرض سهلاً يحسن فرص استثمارها ويسهّل على الناس وعلى المزارعين إيصال محاصيلهم إلى الأسواق وبالتالي يخفف كلفة النقل وغيرها. كما توفر مساحات قابلة للسكن والإعمار أكثر، وهذا ينعكس إيجاباً على أسعار الأرض في كل المنطقة الواقعة على هذا الطريق ومحيطه، والطرقات المتفرعة منه. وهذا الأمر يفرض على البلديات في الخطوات اللاحقة أن تعاين الطرقات المتفرعة من هذا الطريق وتعمل على تحسينها، خصوصاً وأن هناك جانباً كبيراً من هذه المتفرعات قد حُسّن مسبقاً، ففي قرى مثل بدنايل وقصرنبا وحتى تمنين الفوقا يمر هذا الطريق في أراضيها المأهولة والتي أصبح فيها أحياء سكنية، وأغلب الطرقات الفرعية من الطريق باتجاه هذه القرى معبّدة سلفاً.
هناك نقطة إضافية بالنسبة لأهمية هذا الطريق. من ضمن المشاريع التي قمنا بها والتي ذكرت، هناك موضوع الجسر الذي أقيم في تمنين التحتا، حيث هناك جامعة أل آي يو فتحت فرعاً لها في تمنين التحتا على الطريق الشرقي.
بين هذه القرى وبين الجامعة هناك نهر، نهر الليطاني، وأسهل طريق للوصول إلى هذه الجامعة بالنسبة لكل قرى غربي بعلبك هو أن يمر الراغبون بذلك في قلب بلدة تمنين التحتا باتجاه منطقة الشرقي. لقد جاء موضوع الجسر ووصله بالطريق الذي تجري الأشغال حالياً عليه (طريق تمنين ـ حوش الرافقة) ليشكّل بديلاً لطريق تمنين التحتا العام. هذا الطريق يشكل حلاً ممتازاً في موضوع انتقال رواد هذه الجامعة وطلابها، أو أساتذتها في المستقبل، ووصولهم إلى الجامعة، وبالتالي طبعاً بالتكامل مع هذا الجسر والطريق الفرعي الذي قامت بلدية تمنين التحتا بتعبيد جزء كبير منه، وهناك جزء من شرق النهر سيستكمل العمل فيه.
وكأي مشروع، هناك أيضاً أوجه سلبية، مثل غلاء الأراضي الذي يصعّب الأمر على من يرغب بشراء قطعة أرض.
ومن جملة الأمور السلبية أيضاً، أن الناس يقومون بغزو الأراضي الزراعية والبناء فيها، ما يقلّص المساحات الخضراء. لكن في النهاية يصبح القرار لدى المواطن ويرتبط بوعي المواطن من جهة وبتصنيف البلديات للأراضي، إذا كانت تعتبرها زراعية أو صناعية أو تجارية أو سكنية، فهذا يلعب دوراً أساسياً في الموضوع، ولا يمكن للاتحاد من أجل هذه القضايا أن يمنع التنمية والتطور.
في موضوع الكلفة وطريقة التنفيذ
أولاً: الطريق هو من تمنين التحتا إلى حوش الرافقة، يبلغ طوله 6 كيلومتر تقريباً، انبثقت بعض المتفرعات منه.
هذا الطريق شمل أشغالاً عدة، قسم تم إنجازه والقسم الآخر يتم استكماله.
من هذه الأشغال أقنية لتصريف المياه على جوانبه، تحديداً إلى الجانب الشرقي من الطريق. هناك قنوات طولية على طول الطريق تقريباً، فيها ما هو مكشوف، وهناك ما هو مقفل، وذلك حسب الضرورة.
على الطريق أيضاً تم إنجاز قنوات عرضية كي تسرّب المياه من جهة الغرب باتجاه السواقي. وعلى القنوات الطولية التي أنشئت، تم أيضاً إعداد مقاطع حتى يستطيع الناس أن يمروا إلى أراضيهم، وطبعاً حيث توجد متفرعات سيكون هناك قواطع بمعدل قاطع أو قاطعين لكل عقار. طول الأقنية التي أنجزت 5419 متر، المفتوحة 4730 متر، القنوات العرضية هي عبارة عن 100 متر.
القنوات التي جرى سقفها بلغ طولها 589 متراً في بلدتي حوش الرافقة وتمنين. والقنوات التي يتم سقفها تعود لطبيعة المكان وخصوصاً في الأمكنة السكنية ما يفرض سقفها كاملة.
وفوق الأقنية العرضية وجانب الأقنية الطولية تم تركيب أغطية حديد بلغ عددها 65 غطاءً، ووزنها 3900 كيلوغرام .
ويضيف الأستاذ نصار: أيضاً تم إنشاء جدران دعم على جوانب هذا الطريق في أماكن الضرورة، لأن المشروع مكلف جداً، ويفوق حتى ميزانية الاتحاد مجتمعة. وبلغ حجم جدران الدعم التي بنيت 463 متر مكعب، تحديداً من الجهة الغربية، لأنه في الجهة الغربية، هناك بعض الأراضي أعلى من الطريق.
ويتحدث نائب رئيس اتحاد بلديات غربي بعلبك عن قيمة الأشغال المنفذة حتى الآن فيقول: عندما أعددنا دراسة للمشروع بالكلفة، قررنا أن هذا الطريق يجب أن نجهّزه للزفت، وهذا يعني معاينة الأماكن التي تحتاج إلى حجارة حيث هناك حفر بعمق 50 سم، وهناك أماكن أخرى تحتاج فقط إلى فلش “الباسكورس”، ومن ثم حدل الطريق. ولم يكن في حسابنا الأقنية، في البدء لم نكن ننوي بناءها، وعندما أجرينا دراسة دقيقة وموضوعية تبين لنا أننا إذا نفذنا الطريق بالكيفية التي تحدثنا عنها، وبدون أقنية، نكون كأننا لم نفعل شيئاً، وكأننا ننفذ طريقاً عمره قصير جداً، بحيث إنه بعد إنشاء الطريق وتجهيزه بتلك الطريقة، تفسده المياه كما تفسده السيارات.
عندما أجريت دراسات دقيقة للقنوات، تبين أن هناك جزءاً كبيراً من المبلغ ـ حوالي 700 مليون ليرة يجب أن يخصص للقنوات فقط.
وفي ملخص لما تم تنفيذه من الأشغال التي انتهى العمل منها، يمكن القول إنه تم إنجاز القنوات، وهناك أماكن حصل فيها حفر، وبالتالي فالتراب الذي جمع تم ترحيله، وهذا الترحيل أيضاً مكلف. كما تم استبدال التراب في الأمكنة التي حفرت فيها بأحجار كبيرة، حيث تحصل عمليات حدل ورش ماء وغيرها. ولاحقاً توضع طبقة ناعمة من الديفينول ومن ثم توضع طبقة أنعم تشكل وجه الطريق. وهناك أماكن لم يحصل فيها حفر.
وفي المحصلة ـ يقول نصار ـ ما نريد أن نصل إليه في هذا الطريق هو تجهيزه حتى يصبح قابلاً للتعبيد بدون أي كلفة إضافية.
ويتحدث الأستاذ نصار عن موضوع الأكلاف، فيقول إنها بلغت ملياراً و672 مليون و177 ألف ليرة لبنانية، وذلك بالنسبة للأشغال التي نُفذت حتى الآن، وهي ضمن كشوفات.
كما تم إنفاق مبلغ 34 مليون و775 ألف ليرة كلفة تصليح الأعطال، فمثلاً عند القيام بالحفر يتعرض خط ماء أو خط صرف صحي للضرر فيجب إعادة إصلاحه، وكذلك الأمر بالنسبة لعمود كهرباء في الطريق يجب نقله أو غيره من هذه المسائل..
وهناك مبلغ مخصص للإشراف والرقابة، لأن المهندس المشرف يحصل على نسبة من المشروع وقد بلغت قيمة هذه النسبة 41 مليون و804 آلاف ليرة. وبالتالي فإن الكلفة الاجمالية للمشروع حتى الآن بلغت ملياراً و748 مليون و756 ألف ليرة.
ويقول الأستاذ نصار إن هناك أجزاء في الطريق حتى الآن لم تستكمل، إذ أن هناك أموراً بسيطة لا تحتاج إلى عمل كثير، وهناك قنوات ووصلات يجب أن تستكمل.
أما الأشغال المتوقع تنفيذها والتي لا تزال ناقصة حتى يستكمل المشروع بأكمله فتبلغ قيمتها حسب الدراسة 190 مليون و500 ألف ليرة. الإشراف يكلف حوالي 4 ملايين و760 ألف ليرة.
ويقول الأستاذ نصار: الكلفة المتوقعة المتبقية هي كلفة دقيقة مبدئياً ، ونحن عندما وصلنا إلى هذه الأرقام بدأنا نكون أكثر دقة في كل الأعمال.
القيمة الإجمالية المتوقعة المتبقية 195 مليون و262 ألف ليرة. وبذلك تكون كلفة المشروع الإجمالية مليار وحوالي 950 مليون ليرة لبنانية.
إنه مشروع ضخم، قياساً بإمكانيات اتحاد بلديات غربي بعلبك، إلا أنه مشروع حيوي للمنطقة كلها، يشكل أساساً لانطلاق عملية تنمية تحتاجها البلدات والقرى المنتشرة على جانبي الطريق.