اتحاد غربي بعلبك و”الجمعية التعاونية لإنتاج الحليب في جرود طاريا”
اتحاد غربي بعلبك و”الجمعية التعاونية لإنتاج الحليب في جرود طاريا”:
قصة تعاون حقيقي لخدمة المواطن
في أعالي الجرود، للحياة طعم آخر، ونكهة لا يعرفها إلا الذي يعايشها ساعة بعد ساعة.
مع قدوم نسائم الربيع تنطلق قطعان من زرائبها، بعد أن تكون قضت أشهراً في “هجوع الشتاء” في مناطق منخفضة، يقودها رعاة تمرسوا على الحياة مع الصعاب، وقضوا سنوات الحياة في الأعالي.
هؤلاء الرعاة، هم أبناء المنطقة، بامتدادها، من أقصى البقاع إلى أقصاه، شرقه وغربه، يسيرون المسافات، ويتنقلون من تلة إلى تلة، بحثاً عن المرعى الوفير، الذي يؤمن للقطعان غذاءها، ولأصحابها الحد الأدنى من العيش، بالكفاف، راضين وقانعين بما يرزقهم الله.
اليوم، صار لهؤلاء الرعاة تعاونيتهم، التي تقدم لهم خدمات ما كانوا ليحلموا بها، ما خفّف عن كواهلهم الكثير من الأعباء، وأعطاهم الأمل بالثبات في تلك الجبال العالية، والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي لمجتمعنا.
ما قصة هذه التعاونية؟ كيف أنشئت، ما هي أهدافها، وما هو دور اتحاد بلديات غربي بعلبك في دفعها للتحول إلى فعل إيجابي على أرض منطقتنا؟
تتحدث السيدة فاطمة حمية عن البيئة التي أنشئت فيها هذه التعاونية فتقول:
نحن أسر تعتاش من قطاع تربية المواشي، والغاية الأساسية لهذه الأسر مربي المواشي هي ضمان ربح يومي مقبول وذلك لن يكون إلا مقابل إنتاج يراعي مواصفات الجودة والنوعية. و نحن نطمح إلى تحسين ظروف عملنا وانتاجنا في هذا القطاع ومواكبة التقدم.
تضيف: أما المنطقة التي نسكنها فهي أعلى منطقة في الجرد الغربي، تعلو عن سطح البحر قرابة 1800 متر، وهي تمتد على مساحة جغرافية واسعة تقدر بحوالي 60000 دونم، ويبدأ المزارعون بالتوافد إليها في أوائل ايار من كل سنة ويبقون فيها إلى أواخر تشرين الثاني. ويسع هذا الجرد حوالي 20 ألف رأس من المواشي، أما من أين يأتي المزارعون فهم من بلدات عرسال ـ حلبا ـ بعلبك ـ بوداي ـ عيناتا ـ طاريا ـ مزارع بيت مشيك ـ مزرعة بيت صليبي ـ سلوقي ـ شمسطار ـ بيت شاما ـ بدنايل ـ حوش بردى ـ رأس بعلبك، ومزارعون من سوريا الشقيقة.
وتقول السيدة فاطمة: نحن جميعاً من منطقة البقاع التي هي بالأصل منطقة زراعية (سهل البقاع)، فكلنا مزارعون وإن اختلفت ادواتنا وتنوعت مزروعاتنا، فكلنا نمتهن المهنة نفسها، أما التعامل بيننا فهو مميز، فنحن نختلف كثيراً ونتفق أكثر ونسعى دائما للأحسن لجميعنا.
ومن المسلّم به أن التعاونيات تلعب دوراً مهماً وفاعلاً في التنمية، فبالإضافة إلى تعاون الناس مع بعضهم في العمل، فكذلك هي تساهم في تخفيف الأعباء المادية على المتعاونين، وهذا يجعل من العمل أقل مشقة وأكثر فائدة، كما تشكّل تجمعاً لعدد كبير من الناس للاستفادة من تقديمات وتسهيلات الجمعية التعاونية بالتساوي.
ونتيجة جهود السيدة فاطمة ومن يسير بجانبها من أبناء المهنة، نشأ الوعي بضرورة إنشاء تعاونية زراعية تقوم بخدمة هؤلاء المزارعين ومساعدتهم.
وبناء على هذه الجهود، وبمواكبة من اتحاد بلديات غربي بعلبك، تأسست “الجمعية التعاونية لانتاج الحليب في جرود طاريا” بموجب القرار 113/1ت تاريخ 11-7-2012، ومنطقة عملها هي منطقة جرود الغربي – طاريا وجوارها.
تهدف التعاونية إلى تحسين أوضاع أعضائها الاقتصادية والاجتماعية وذلك بأن تعمل على:
1- تأمين سيارة مبردة لنقل الحليب
2- تأمين الأدوية البيطرية
3- تأمين المراعي للمواشي
4- تحسين إتاج الحليب
5- حفر البرك لتجميع مياه الينابيع والثلوج
يقوم الاتحاد بدور المنسّق بين بلديات منطقة غربي بعلبك والجمعيات التعاونية التي تقع في نطاقه الجغرافي والمجتمع المدني وبين وزارات الدولة المختلفة وذلك خدمة للمجتمع والانسان وقد كان على الدوام يسعى إلى إشراك جميع التعاونيات بالنشاطات التي يقوم بها، أو يشترك هو بنشاطات الجمعية ويساندها من الناحية المادية والمعنوية.
تقول السيدة فاطمة حمية: لقد كان لشخص الحاج زاهي الزين الدور الفاعل في إنجاح وإبراز دور الاتحاد، لما عنده من روح المحبة والتعاون، وهو بشخصه محب للناس، ويسعى دائماً إلى تقديم كل ما هو مفيد لخدمة المجتمع والناس. وقد قام الاتحاد بمساندة المزارعين في بداية انشاء التعاونية، حيث تم الإعلان عن إنشاء التعاونية في عيد الكرز في بلدة تمنين الفوقا عام 2012، وذلك بوجود معالي وزير الزراعة الدكتور حسين الحاج حسن، وكل ذلك بمساعدة ومساندة من رئيس الاتحاد الحاج زاهي الزين.
وإذ تشير السيدة حمية لحملة تطعيم المواشي التي قام بها الاتحاد في شهر أيار 2013، فإنها تتحدث بإسهاب عن الخدمات التي قدمتها وزارة الزراعة لمربي المواشي من خلال التعاون مع الاتحاد، وتقول: لن ننسى الدور الذي يقوم به معالي وزير الزراعة بتنشيط دور الزراعة وشدّ همة المزارع، وذلك بفضل حزمة كبيرة وواسعة من التوجيهات لمعاليه، والمساعدات التي تقدمها الوزارة، وكل ذلك بفضل توجيهاته، وقد أولى تعاونيتنا عناية نقدره ونجله عليها، فهو قد أعطى الأوامر لمصلحة زراعة بعلبك وخصوصاً دائرة الثروة الحيوانية لتقديم المساعدات وذلك عبر أدوية وطعوم للمواشي، بإشراف أهم الخبراء والأطباء البيطريين، وقد سعى لتحسين انتاج الحليب والحفاظ على جودته وذلك عبر إعطائنا براميل للحليب من نوعية ستانلس ستيل على دفعتين عامي 2012 و2013.
وتتابع السيدة حمية: معالي وزير الزراعةعلى تواصل دائم مع جميعتنا التعاونية، وقد شرّفنا بزيارة لنا في أماكن وجودنا (الجرد العالي ـ طاريا)، في 30/7/2013، وقد أفرحنا جميعاً، لأنها سابقة، فلم يسبق أن زارنا أبداً مسؤول من قبل، أو استمع إلى مشاكلنا أو سعى لتسليط الضوء على حياتنا وأرزاقنا إلا معاليه، وقد استمع معاليه لمطالبنا واعداً إيانا بتحقيقها.
هذه الإشادة بدور وزارة الزراعة هي القاسم المشترك في أحاديث الرعاة الذين زارتهم المجلّة في الجرود العالية، الذين تتعدد القرى التي جاءوا منها، ولكن الكلمات التي يقولونها تتوحد عند إبداء الشكر للفتة وزير الزراعة بزيارتهم والجلوس معهم والاستماع إلى شكاواهم وإلى طموحاتهم في الوقت نفسه، كما يتشابه الثناء الذي يعبرون به عن امتنناهم للتقديمات التي لم يسبق أن شهدوا مثلها من قبل، التي تغدقها عليهم وزراة الزراعة، والتي يلعب اتحاد بلديات غربي بعلبك دوراً كبيراً في تأمينها.
أم حسن، من بلدة عرسال، يملك أولادها قطعاناً من الماعز والأغنام، تتحدث بفخر عن امتلاكها لبراميل الحليب الجديدة من الستانليس ستيل والتي ساهمت في حفظ الحليب من الفساد، مؤكدة كما “زميلها” الشيخ عاصم (القادم من سوريا) على مدى الوفر الذي حققه تكفّل وزارة الزراعة بتقديم المساعدة بملف التطعيم، وكذلك يتحدث أسعد ـ من طاريا ـ عن الأدوية التي تقدمها الوزارة، والتي جعلته يشعر لأول مرة بأن ما يقوم به ليس بلا طائل.
هذه هي قصة “الجمعية التعاونية لانتاج الحليب في جرود طاريا”، وهي قصة تستحق أن تُحكى، لأنها تعبّر بحق عن التعاون الحقيقي بين المؤسسات الرسمية والبلدية وبين القطاعات المنتجة المختلفة، بما فيه خير المواطنين وسعادتهم.
اترك تعليقاً